اهم الاخباردقائق

محمد فتحي الشريف يكتب.. الأخلاق مفتاح الخير وعنوان الفطرة السليمة

 الكاتب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات

الأخلاق هي مفتاح الخير وعنوان الفطرة السليمة ،فهي كل  خصال الخير من دون حصر  ،إذ تعد الأخلاق من وجهة نظري حد فاصل بين الإنسانية والوحشية ،ولنا القدوة الحسنة في الرسول صلي الله علية وسلم صاحب الخلق الرفيع الذي وصفه الله عز وجل في كتابه العزيز قائلا “وإنك لعلى خلق عظيم ” ،والتجارب الحياتية لأصحاب الخلق تحول الايجابيات إلى سلبيات والأعداء إلى أصدقاء ولكن هذا الأمر مقصور على أصحاب الهمم الذين تخلى عنهم الشيطان وضل الطريق في الوصول إليهم وهؤلاء سماهم الله عز وجل في كتابة بأصحاب الحظ العظيم قال تعالي “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ  ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) سورة فصلت،فالدفع بالحسنة لدحض السيئة أمر صعب لا يصل إليه إلا أصحاب الحظ العظيم الذي وهبهم الله عز وجل نعمة الأخلاق.

وفضائل الصدق والأمانة والإخلاص والحياء والكرم وحب الناس وحب الخير وحب الوطن والإيثار وغض البصر، وكفّ الأذى، والأمر بالمعروف، والمعاملة الطيبة، وتجنب الفُحش في القول والفعل، وغيرها هي قوام الأخلاق الحقيقية في الإنسان .

فصلاح المجتمع في صلاح الأخلاق واستقرار الأوطان ونمائها ولن يكون هناك سلام حقيقي بين الأفراد والجماعات من  دون أخلاق  وفي ذلك يقتضب شاعرنا الكبير أحمد شوقي  كل المكارم فيقول …صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ .. فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ.

ويصف شوقي رحمة الله علية إصابة الأمم في أخلاقها وصفا قويا قائلا :وَإِذَا أُصِيـبَ القَـوْمُ فِـي أَخْـلاقِهِمْ … فَأَقِـمْ عَلَيْهِـمْ مَـأْتَمـاً وَعَـوِيـلاَ.

وعلى مر الزمان تحدث الفلاسفة والشعراء والحكماء على الأخلاق ووصفوها في أقوالها  في مناسبات كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها أو بعض منها ،لان الحديث عن الأخلاق تحتاج إلى أبحاث ومؤلفات كثيرة ولذلك سوف انهي المقدمة عند هذا الحد ،لأتحدث عن بعض الأسباب الحقيقية لغياب الأخلاق .

لقد فقدنا كثيرا من أخلاقنا وأصبح التلاسن والخوض في الأعراض والتعرض للحياة الشخصية جزء مهم في الإعلام والدراما والسينما  التي تغزو البيوت وذلك لأسباب عديدة  لعل أبرزها غياب الثقافة الحقيقية وتغييب دور المعلم عن قصد وفقد الأسرة المصرية لمقومات التربية الحقيقية لأبنائهم ،بالإضافة إلى تخلي رجال الدين عن دورهم التربوي في تقويم الأخلاق وغرس قيم الإسلام الحقيقية .

المتهم الأول في انهيار الأخلاق داخل المجتمع  هو( الإعلام )،فعلى الرغم من أهميته  في خلق توعية حقيقية وعرض لمعالجة قضايا المجتمع بشكل علمي ،إلا أن واقع الإعلام المصري والعربي في الفترة الأخيرة ركز بشكل كبير عن نشر الموبقات وعرض نماذج سيئة لمعدومي الأخلاق حتى أن معايير اختيار القدوة أختلت  ،فأصبح البلطجي والخارج عن القانون وصاحب الخلق السيئ هو النموذج والقدوة وساهمت الدراما والسينما وبعض الأغاني مع الإعلام في خلق قدوة جديدة للشباب والنشء من هؤلاء الفاشلين الخارجين عن القانون  .

إن غياب دور الرقابة عن الإعلام والدراما والسينما وترك الباب مفتوحا على مصراعيه لتقديم جرعات مكثفة من النماذج الغير أخلاقية التي تقود الشباب نحو ترسيخ مفاهيم جديدة للقدوة ،إذ يعد قاطع الطريق والخارج عن القانون بطلاً ونموذجاً للشباب ، واعتقد أن العشرين عاما الماضية شهدت تدهورا كبيرا في مضمون الأعمال الدرامية المؤثرة والتي تقدم  في أوقات تجمع اسري وهو شهر رمضان وتتجاوز نسب مشاهدتها مئات الملايين في مصر والوطن العربي   ،إذ خرجنا من إطار الدراما الاجتماعية الهادفة التي تعالج مشاكل حقيقية  وتضع لها حلول تتنصر فيها الحقوق والأخلاق إلى إطار جديد ومختلف  يجسد فيه البطل دور البلطجة من خلال احتساء الخمور وممارسة الرذائل بكل أنواعها وفي النهاية ينتصر ويصبح القدوة لكل الشباب وهو ما يؤثر بالسلب وتغيب الأخلاق وهناك استطلاعات رأي عن مدى تأثير الدراما في رمضان على سلوك الأفراد والجماعات واظهر نتائج مخيفة ،حتى أن معظم الكلمات الخارجة والألفاظ النائية انتشرت بين الشباب كالنار في الهشيم   .

لقد أرد القائمين على الدراما في مصر من مؤلفين ومخرجين وممثلين أن يهدموا كل قيم المجتمع من خلال السخرية من المعلم ورجل الدين في معظم الأعمال بقصد خبيث هو هدم أسس المجتمع فالأطفال والنشء يرون معلمهم في وضعية غير مناسبة ويشاهدون رجل الدين متطرف متزمت إرهابي غبي غير مدرك الحياة من حوله في حين تجد البطل شارب الخمر ومدمن المخدرات شجاع قوى قائد حكيم يخشاه الناس ويسعون لإرضائه  وهو ما يدفع المشاهدين من المراهقين أن يقلدوا البطل “النموذج السيئ ” ويتخذونه قدوة لهم في الحياة .

كل تلك المؤامرات التي تهدم المجتمع وتغيب الأخلاق وتضع السفهاء في مقدمة الصفوف كفيلة بأن  تدمر  أجيال ، إذا لم يتم تصحيح الأوضاع عودة القدوة الحقيقية لهؤلاء الشباب التي اتخذت من هؤلاء قدوة لهم وساهمت وسائل التواصل الحديثة من الفيسبوك وتوتير وغيرها من خلق جيل مشوه ضل الطريق وذهب إلي أحضان الشيطان .

لذلك نحتاج لثورة تصحيح أخلاقية تبدأ من الإعلام وتمر بالمعلم وتنتهي في حضن الأسرة  على أن نضع آليات جديدة لخطاب درامي وإعلامي وسينمائي بناء يساهم في إعادة القدوة الحقيقية من خلال مفهوم أخلاقي لديه الصفات التالية الصدق والأمانة والإخلاص والحياء والكرم وحب الناس وحب الخير وحب الوطن والإيثار وغض البصر، وكفّ الأذى، والأمر بالمعروف، والمعاملة الطيبة، وتجنب الفُحش في القول والفعل.

واختم حديثي عن الأخلاق وأذكر كلام الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الأخلاق إذ قال .. وكُلُّ جراحةٍ فلها دواءٌ . . . . وسوءُ الخلقِ ليسَ له دواءُ…..وليس بدائمٍ أبداً نعيمٌ . . . . كذاكَ البؤسُ ليس له بقاءُ.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى