هادي جلو مرعي يكتب.. لماذا يتقدم الإقليم
السؤال هكذا كان: لماذا تستمر محنة الفساد والحرمان، وعدم التحسن في قطاع الخدمات، وخاصة الكهرباء في محافظات العراق، بينما تتحدث حكومة الإقليم عن إمكانية تزويد محافظات خارج سلطة أربيل بالتيار الكهربائي بعد أن جرى تمرير حزمة إجراءات حاسمة في ملف حيوي تكاد تتوقف الحياة عليه وهو ملف الكهرباء؟ وأجبت: إنها الإرادة. فمع توفر الإرادة الحاسمة، وقوة الحكم، ومركزية القرار تتحقق المزيد من الأهداف، ويبدأ الناس يرون حجم الإنجاز، ولكن حين تغيب الإرادة يستمر الفساد والترهل، وتغيب الرؤية الواضحة، وحين تتعدد مراكز القرار لايعود أحد من المسؤولين متمكنا القيام بواجباته كما ينبغي، وتأتيه الصفعات والرغبات من كل جانب، وتتزاحم من حوله الصفقات والكومينشنات والآراء والتوجهات، ويتمكن (الخايب والعايب) من تصدر المشهد، ويأخذ بالحديث كيف يشاء، وكأنه أبو العريف، أو كذاك الذي لايأتيه الباطل من بين يديه، ولامن خلفه، فيكون التيه والتخبط عنوان المرحلة، وكل مرحلة مالم يسارع الأخيار والشجعان الى تصحيح الأوضاع، وترميم ماتصدع من بنيان، لكن ذلك أمر صعب. فالمصالح الخاصة تشغل بال الكثيرين ممن يطمحون لتحقيق مكاسب يترتب عليها التقصير في أداء الواجب الوطني وتغيب المهنية لحساب الترهل والفساد وإبعاد الكفاءات عن المسؤولية في إدارة مؤسسات الدولة وإنجاز المهام.
ماتوفر لحكومة السيد مسرور البرزاني هو الإرادة السياسية التي لم تتأثر بصراع حزبي، أو طائفي، وكانت متحررة من الضغوط الجانبية المصلحية، أو ضغوط المنافسة غير الموضوعية، وكانت القرارات سريعة وحازمة في عهد الحكومة التاسعة التي كسبت الرهان، وقد بدأ عهدها في وقت كان العالم يجثو راكعا أمام وباء كورونا، وكما قلنا في مناسبات سبقت، وكتبنا عن التطورات التي طبعت عمل حكومة السيد مسرور البرزاني ومنها: إن حكومة إقليم كوردستان حققت خطوات كبيرة في ملفات عمرانية وإقتصادية، وصارت قبلة للسياحة والسكن والعمل، وتتطلع دول للتواصل معها، بينما ماتزال بغداد في أول الطريق؟ وبرغم صعوبة السؤال، لكن جوابه ليس بالصعب، وبإعتبار أن الإجابة لاتعني الدفاع عن بغداد وهي تستحق، ولا المدح بأربيل وهي تستحق، بل شرح لطبيعة الظروف التي أحاطت بالعراق وعطلته، وبالإقليم وأسهمت في نجاحه، وأهم ذلك عامل الزمن الذي أفضى الى تجاوز الأزمات، والتفكير في الإستثمار في قطاعات المال والأعمال، وبناء المجمعات السكنية، وفتح المزيد من الطرق والمصانع، والبحث عن فرص أكبر للتعاون مع دول أخرى حتى صارت الوفود التي تزور بغداد تعرج على أربيل، وقد أفضت الظروف الإيجابية الى تشكيل كيان سياسي متوازن في كردستان العراق حيث نال الإقليم الثقة في التعاطي مع الملفات الإقتصادية والأمنية في فترة متفردة ومنذ العام 1991 بينما عاشت بغداد في ظل حصار صعب حتى العام 2003 الأمر الذي سبب تأخرا في الوصول الى مستوى من القدرة على ترتيب الأولويات، وتنفيذ برامج وخطط عمل منظمة خاصة في مجال البنى التحتية.
عملت حكومة الإقليم وفق برنامج إتسم بالشمولية، وعدم التسرع والفوضوية، بل إستلهم تجارب الدول المتقدمة، وقد أشار الى ذلك الدكتور علي رشيد وهو مسؤول سابق في مجلس محافظة أربيل منوها الى خبرات وقدرات الخارج، وكفاءة الشركات المحلية التي راعت الظروف والمعطيات على الأرض، وتمكنت من خفض التكاليف المترتبة على إقامة مشاريع عملاقة في قطاع الطرق والجسور والأنفاق والمستشفيات والجامعات ومحطات المياه والتصنيع والزراعة والسدود وملاعب كرة القدم والفنادق والمنتجعات وتسهيل الوصول الى المواقع السياحية ومد شبكة طرق حديثة بين مدن الإقليم والقرى والتجمعات السكنية القصية التي كان حلما صعبا الوصول إليها في عقود سابقة كما تم تمكين الشباب من خلال الفعاليات الرياضية والنجاح في تنظيم المسابقات المختلفة والتمكن من دعم الإستثمار من خلال التسهيلات القانونية وهو مامكن من إستقطاب شركات وحكومات وجدت في كوردستان أرضا خصبة للعمل والتعاون حيث إزداد عدد الشركات العاملة في الإقليم والتعاون مع دول الجوار والإنفتاح على الحكومة الإتحادية والتعاون معها في مجالات عدة ويمكن القول إن تجربة الإقليم ناجحة الى حد بعيد وهي تجربة ثرة تستلهم في بقية العراق الذي مايزال متراجعا في عديد من الملفات المهمة والتحديات الصعبة التي تواجه بغداد ولعل قطاع السياحة الذي يمثل مفصلا إقتصاديا للإقليم هو واجهة دعائية وإعلامية للترويج لمايجري من تطورات وللتعريف بالمنجزات خاصة مع تدفق السياح الى مدن ومنتجعات ومواقع أثرية هناك وبأعداد كبيرة دفعت حكومة الإقليم الى الإسراع في تحقيق نسب إنجاز عالية في مشاريع البنية التحتية لتسهيل وصول عشرات آلاف السياح من مختلف محافظات العراق عدا عن العرب والأجانب والمقيمين أصلا هناك والذين يقومون بدعاية تفوق ماتقوم به وسائل الإعلام لأن السياح يستخدمون مواقع التواصل الإجتماع وينشرون تجاربهم هناك وماشاهدوه، ويلتقطون مئات آلاف الصور، ويبثون الفديوات من مواقع سياحية ومنتجعات وأسواق وفنادق ومطاعم ومتنزهات الأمر الذي يوفر دعاية مجانية لاتتطلب الكثير من التكاليف، ويبدو إن المستقبل القريب سيشهد إن إقليم كردستان قبلة للسياحة العالمية والإستثمار بضمان توفر عامل الأمن والبنية التحتية من طرق ومطارات ومؤسسات، وضمان البيئة القانونية الملائمة التي تسهل وصول وعمل الراغبين في الإستثمار أفرادا ومجموعات وحكومات وشركات.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب