مسؤولية القيادة والبطانة في تحقيق تطلعات الشعوب.. رؤية جديدة للشرفاء الحمادي
الكاتب باحث ومفكر، مهتم بالشأن العام العربي والإسلامي، وله العديد من المؤلفات والأبحاث المرموقة
الملخص
في مقال اليوم تحدث المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي عن منْحِ الله الإنسان حق الاختيار المطلق، وأمره في التعامل مع الناس بالرحمة والعدل والإحسان والبعد عن الظلم والبغي والعدوان، ووضع الله للناس جميعًا قاعدة تشريعية ثابتة محكمة في قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وأشار الشرفاء في مقاله إلى أن الوطن حق لكل أبنائه وهويته تحمي هذا الحق، وأكد الكاتب على أهمية حمل القيادات الوطنية الأمانة بصدق وإخلاص وتفانٍ، من أجل تحقيق أمنيات وتطلعات شعوبهم، واختتم بمطالبتهم بتطبيق التوصيف الإلهي لوظيفة القادة ليتجنبوا كثيرًا من التعقيدات ومن الخسائر.. التفاصيل في السياق التالي.
- اقرأ أيضا: رؤى الشرفاء الحمادي حول مخططات اليهود من الغدر بالمسيح وتشويه سمعة الأنبياء إلى مسرحية 11 سبتمبر
التفاصيل
حق الاختيار المطلق
لقد منح الله الإنسان حق الاختيار المطلق في دينه وعلاقاته وأعماله، ومنحه حرية الرأي والحوار مع كل الناس، وعرْض آرائه بالحكمة والموعظة الحسنة، وحرَّم على الإنسان الظلم والقهر والبغي والطغيان والعدوان، وأمر الله الإنسان بالتعاون مع غيره بالبر والتقوى والمصداقية والإحسان، وحرم عليه الإفساد في الأرض والإضرار بالإنسان وجميع المخلوقات دون استثناء، ومنحه حق الدفاع عن النفس وأن يتعامل بالرحمة والعدل وينصف الناس في حقوقهم.
قاعدة تشريعية محكمة
ووضع الله قاعدة تشريعية بقوله سبحانه: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، إذ لا يجوز معاقبة الإنسان بجريمة الآخرين، وإعطاء كل ذي حق حقه، ولا يحاسب الإنسان على أفكاره، إنما يحاسب على أعماله إذا أضر بالناس وبأمنهم ومصالحهم، واعتدى عليهم، فلا يوجد ما يمنع حدوث الاختلاف بين الناس في كل القضايا، في تصور المستقبل الذي يتمناه كل إنسان أن يعيش في وطنه آمنًا، يجد قوت يومه وقوت أسرته، معززًا مكرمًا في وطنه، له حق التعبير في كل أمر يخص مستقبله ومستقبل أسرته، وفيًّا لأرضه، مستعدًا للذود عن حياضها، مدافعًا عن حقوقها، وكل من لم يعتدِ عليكم بدلائل ثابتة فمن حقه أن يعود إلى وطنه.
الوطن حق لكل أبنائه
فالوطن حق لكل أبنائه وليس من حق فئة واحدة، وهوية المواطن تحمي حقه في أن يعيش في وطنه، فالوطن مفتوح لكل أبناء الشعب دون استثناء، وكل إنسان يتحمل مسؤولية قراره، وكل الشعب يملك الوطن، وكل مواطن له حق فيه، والحكومة يكلفها الشعب لخدمته بالرحمة والعدل والالتزام بعدم اتخاذ قرارات فردية دون مصادقة مجلس الشعب المنتخب من الشعب لمراقبة رئاسة الدولة والحكومة.
تحقيق التطلعات والرفاهية
ومن حق كل مواطن أن يبدي رأيه في النظام ليصحح مساره ولا يتخذ قرارات تغرقه بالديون من أجل أمجاد شخصية فانية مع أصحابها، ويبقى الشعب تتناوب عنه الأجيال في كل عصر، ويسجل التاريخ بكل التقدير والتكريم القيادات التي أدت واجباتها وخدماتها لمصلحة الشعب ورعايته وتحقيق تطلعاته ووفرت له رفاهيته واحترمت حقوقه.
حمل الأمانة وحق المواطن
وأما إذا قصرت القيادات في حق الوطن ولم تحترم حقوق الشعب ولم تكن أمينة على مصالحه فسوف يلعنها الشعب وتسجل في التاريخ بأنها أجرمت في حق الشعب وخانت الأمانة ولم ترفق بالمواطن، فبغت على حقوقه، واستباحت كرامته وستكون تلك القيادة عبرة للظالمين الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وارتكبوا من الفظائع والجرائم في حق المواطن الذي سيظل يدعو عليهم كل يوم باللعنات، وأن يكون جزاؤهم يوم الحساب نار جهنم وبئس المصير.
الارتقاء بحياة المواطن
ولتذكير القيادات التي تم انتخابها من الشعب وفق الدستور لتقوم بالتفاني في حمل الأمانة التي تم تكليفها بها من قبل الشعب في انتخابات حرة، عليها قبل اتخاذ قرارات مصيرية تمس قوت الشعب وأمنه واستقرار الوطن وحمايته من كل ما يتهدده أن تكون ملزمة بتنفيذ مسؤوليتها بكل إخلاص واحترام مطالب الشعب الذي كلفها بحمل أعباء مسؤولية التنمية والتطور وخلق مناخ آمن حر تتحاور فيه العقول وتتبارى فيه الأفكار لتقديم ما لدى المواطنين من تصورات عملية ونظريات تسعى مخلصة لصنع مستقبل باهر يعم الخير والتقدم لخدمة الشعب والارتقاء بحياته نحو الأفضل.
شركاء الوطن
بما أن كل الشعب شركاء في الوطن وفي الحاضر والمستقبل لذلك وضع الله سبحانه لرسوله توصيفًا آمنًا لوظيفة القائد مخاطبًا رسوله عليه السلام بقوله “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (آل عمران 159).
التوصيف الإلهي للقيادة
ولو طبقت القيادات العربية التوصيف الإلهي لوظيفة القادة لتجنبوا كثيرًا من التعقيدات ومن الخسائر والصدمات في كل المجالات، ولوفقهم الله سبحانه لتحقيق العدالة والنجاح في خطط التنمية الاقتصادية وتحقيق أمنيات الشعوب في حياة كريمة دون ظلم أو بغي أو مصادرة لحريات المواطنين دون أسباب قانونية ليست مفبركة، وتحذير من الله للناس في قوله سبحانه: “وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ” (إبراهيم 42).
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب