محمد فتحي الشريف يكتب.. قطوف من كتاب الزكاة للشرفاء الحمادي (مسارات الإنفاق وجزاء العطاء والمنع) (1-2)
الكاتب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات.. خاص منصة العرب الرقمية
الملخص
في حلقة اليوم نوضح التوجيه الإلهي للإنسان حول ثواب العطاء وجزاء المنع كما جاء في مقدمة كتاب (الزكاة)، إذ وضح الله عز وجل ثواب المنفقين وجزاء المناعين، وترك الحرية المطلقة للإنسان يختار أي الطريقين يسلك، كما وضح أيضا الفوائد التي تعم على المجتمعات التي تفعل فيها شعيرة الزكاة كما جاء في القرآن الكريم، إذ تجعل تلك المجتمعات في نعيم وسلام وخير وتكاتف.. وإلى النص مفصلا:
التفاصيل
- اقرأ أيضا: محمد فتحي الشريف يكتب.. (13) عاما على معاناة الشعب العربي قراءة واقعية في الأزمة الليبية (1-1)
أي الطريقين نسلك؟
في الحلقة السابقة من حلقات قطوف حول كتاب (الزكاة صدقة وقرض حسن)، وضعنا الركائز التي دار حولها الكتاب والتي تتركز في ثواب العطاء وجزاء المنع من خلال ما جاء في كتاب الله عز وجل، وذلك في إطار منح الحرية الكاملة في الاختيار بين (العطاء والمنع)، وكان عنوان الحلقة عن أحد أهم الفوائد التي تعم على المجتمعات الإنسانية جراء العطاء والإنفاق وتم اختيار عنوان الحلقة في هذا الإطار وكان (العطاء والاستقرار المجتمعي)، واليوم نكمل الحديث عن تفاصيل أخرى حول تلك الركائز التي جاءت في مقدمة هذا البحث الفريد، إذ قال المؤلف الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي نصا: (على الإنسان أن يقرر أي الطريقين يختار، وله مطلق الحرية في الاختيار، وتنطبق عليه القاعدة التشريعية الإلهية التي جاءت في قول الله عز وجل (فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَى وَٱتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَى ٦ فَسَنُیَسِّرُهُ لِلۡیُسۡرَى ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَى ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَى ٩ فَسَنُیَسِّرُهُ لِلۡعُسۡرَى ١٠﴾ [الليل 5-١٠].
حرية الاختيار مطلقة
هنا يوضح الكاتب أن حرية الاختيار مطلقة للإنسان، فله الاختيار بين العطاء والمنع فيقول في ذلك: (اختر أيها الإنسان ما شئت وتحمل نتائج ما قررت، إن اتبعت ما يرضي الله تعالى فستفوز بالجنة، وأما إن عصيت أمر الله فستبوء بغضب الله في الدنيا والآخرة).
جزاء العطاء والمنع
لقد أراد الشرفاء الحمادي أن يوضح جزاء العطاء والمنع ويترك الإنسان حرا في الاختيار بين رضا الله عز وجل عن المنفقين، وبين غضب الله عز وجل على المانعين الممسكين الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، ثم يترك لهم حرية الاختيار بين هذا وذاك، وهو الأمر الذي يؤكد عظمة هذا الدين الذي يمنح الحرية للجميع.
الزكاة هدف محوري
ويكمل الكاتب في مقدمة كتابه فيقول (لقد كان للزكاة في الخطاب الإلهي هدف محوري وهام ألا وهو إرساء قاعدة التكافل الاجتماعي في أجل صورة). هذا الكلام يؤكد أن الله عز وجل وضع ركائز كل أمور الحياة في الخطاب الإلهي الذي يؤدي اتباع الأوامر والنواهي التي جاءت فيه إلى تحقيق الأهداف وإرساء قواعد التكافل الاجتماعي في صورة جلية بهية عظيمة تمنح المجتمع الاستقرار وتصفي القلوب وتزيل الأحقاد وتزرع المحبة بين الغني والفقير، فالعطاء هو باب الود والمحبة والتآلف والتكاتف، والمنح هو باب الحقد والغل والكراهية وتمني زوال النعم من بين يدي الأغنياء المانعين وهو يعد تهديدا واضحا لاستقرار المجتمع.
الزكاة والإنفاق جهاد
وهنا يقول الباحث في المقدمة إن (تعبير الخطاب الإلهي في ذلك بعبارة الإنفاق في سبيل الله وهذا الإنفاق هو نوع من الجهاد وعليه يعد سعي الأمة إلى التكافل فيما بينها جهادا في الله وسعيا إلى مرضاته)، لقد وضحت عبارات الكاتب أن الإنفاق نوع من جهاد النفس التي تأمر بالسوء، وهذا الجهاد يهدف إلى مرضاة الله عز وجل، كما أنه يحقق التكافل الحقيقي.
الزكاة ومسارات الإنفاق
ويستدل الكاتب على ذلك بقول الله عز وجل: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (261 سورة البقرة)، ثم يقول الكاتب: (وتتصدر هنا الزكاة كافة مسارات الإنفاق وتجسد أعلى صور التكافل الاجتماعي وبها يعمر المجتمع ويزدهر.
الزكاة ووحدة الأمة
ثم توضح مقدمة البحث أن (مقاصد أخرى للزكاة يتم فيها توضيح أسرار مهمة تؤكد عظمة الإسلام في وحدة الأمم والصفوف وخلق السلام المجتمعي والحب بين الناس فيقول الكاتب: (إن مقاصد الخطاب الإلهي في شأن الزكاة تحمل من الدلالات العظيمة ما يعجز عن إدراكه الكثير ممن تسموا بعلماء وفقهاء، فالزكاة في التشريع الإلهي تحمل بين طياتها سرا من أسرار هذا الدين القيم حين تكون الزكاة عاملا هاما وأداة محورية في الحفاظ على وحدة الأمة وسلامة مجتمعاتها).
تزكية النفس البشرية
ثم يشرع الكاتب في تعريف الزكاة وسبب التسمية حيث يقول: (قد سميت الزكاة بهذا الاسم لأنها تزكي النفس البشرية وتطهرها وتجعلها مطواعة للخير بعيدة عن الشر، بفعلها يصلح المجتمع ويأتلف ويغدو متماسكا قويا كالبيان المرصوص).
الزكاة ركن وفرض
ويواصل الباحث سرد التفاصيل المهمة فيقول في ختام المقدمة البليغة: (من هنا جعلت الزكاة ركنا وفرضا وحالها حال الصلاة والصيام وحج بيت الله الحرام، مصداقا لقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الآية (110) سورة البقرة.
دعوة مخلصة للإنفاق
وفي الختام يؤكد الكاتب أن الإنفاق دعوة مخلصة، فمن شاء قبلها ومن شاء رفضها وحسابنا جميعا عند الله يوم الحساب، وهذا يؤكد على عظمة الدين الإسلامي الذي وضع سياجا حصينا لنهج الحياة التي يملؤها الحب والتكاتف والرحمة والعدل والإنفاق فيعيش الإنسان في سعادة، وهذا هو منهج الله عز وجل بعيدا عن الانحرافات الحادث.