الشيخ زايد حكيم العرب ومؤسس دولة الإنسانية وصاحب المواقف التاريخية
في ذكري وفاة مؤسس الإمارات العربية المتحدة
القاهرة – مركز العرب
أول حاكم للإمارات العربية
تحل اليوم ذكرى رحيل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي رحل عن عالمنا في يوم 19 رمضان (1425) هجرية الموافق الثاني من نوفمبر عام (2004)، وقد استمرت فترة حكمه لدولة الإمارات العربية المتحدة لمدة 33 عاما، فقد كان الحاكم الرابع عشر لإمارة أبو ظبي، والأول لدولة الإمارات العربية المتحدة.
أعمال الشيخ زايد الخيرية تعيش بيننا
الشيخ زايد رحمة الله عليه كان حكيم العرب، استطاع أن يترك أثرا في الأجيال السابقة والحالية من خلال حكمته، فهو لا يحتاج شهادتنا، لأن أعمال الخير التي أقامها الشيخ زايد في الوطن العربي والعالم لا تزال تعيش بيننا في كل مكان على أرض المعمورة، لذلك لقب بـ(زايد الخير).
مركز العرب للأبحاث والدراسات التقى باحثين ومفكرين عربا للحديث عن الشيخ زايد أحد أبرز الحكماء العرب التاريخيين في ذاكراه.. فإلى نص الكلمات.
الشرفاء الحمادي: الشيخ زايد نموذج للقائد الحكيم
في البداية يقول المفكر الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي مدير ديوان الشيخ زايد (السابق) إن الشيخ زايد رحمة الله عليه كان نموذجا للقائد الحكيم الذي تعلمنا منه حب الخير للإنسانية، فمواقف الشيخ زايد رحمة الله تعالى عليه حاضرة بيننا، إذ ترك الشيخ زايد، عليه رحمة الله، بصمة إنسانية في كل مناحي الحياة في الإمارات، بل وفي الوطن العربي والعالم.
الشيخ زايد ودولة الإنسانية
ويضيف الحمادي إن الشيخ زايد جعل الإمارات العربية المتحدة نموذجا لدولة الإنسانية، فكانت حياة الشيخ زايد سلسلة متصلة من أعمال الخير، وكان قائدا ومعلما لأجيال نهضت بالدولة، وكان له مواقف تاريخية بارزة في كل القضايا العربية.
الشيخ زايد وحرب العاشر من رمضان
ويحكي الشرفاء الحمادي عن أحد مواقف الشيخ زايد التاريخية في حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر (1973) مع جمهورية مصر العربية فيقول:
قطع البترول عن الغرب وأمريكا في 73
إن الشيخ زايد رحمه الله هو الذي بادر كأول رئيس دولة عربية اتخذت قرار قطع البترول عن أمريكا والغرب، وكنت أنا شاهد عيان على هذا الحدث التاريخي، حين طلب مني أن أصله بوزير البترول الإماراتي مانع العتيبة أثناء اجتماع أعضاء دول الأوبيك الدول العربية للبترول، قبل أن ينتهي المؤتمر، وبعد ما أوصلته مع الوزير سمعته يعطيه تعليمات بإعلان أمام مؤتمر صحفي في الكويت قرار الشيخ زايد بقطع البترول، وقال قولته المشهورة: “إن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي”.
الشيخ زايد عروبة مخلصة ومواقف تاريخية
وتابع الحمادي قائلا: وبعد قراره اتخذت المملكة بعد يومين نفس موقف الشيخ زايد، وهذه شهادتي للتاريخ حتى لا يضيع الحق في زحمة فرق النفاق، وليعرف المصريون الموقف المشرف للشيخ زايد، ووقوفهم مع أشقائه المصريين ما يؤكد عروبته المخلصة للأمة العربية، ودعمه المالي للقوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر بشهادة الرئيس المرحوم حسني مبارك، عندما قابلته مندوبا من قبل المرحوم الشيخ زايد للتعزية في استشهاد المرحوم الزعيم أنور السادات، حيث أبلغني حينها شكره العميق للشيخ زايد، على دعمه المالي الذي استفادت به القوات الجوية، لتأمين قطع الغيار للطائرات المقاتلة، وموقف الشيخ زايد بقطع البترول قد فتح جبهة واسعة مع الأمريكان والعرب لتحقيق الضغط على إسرائيل للانسحاب من سيناء، منتصرا لمصر، ومشاركا حقيقيا في معركة الشرف العربية.
الشيخ زايد ضمير الأمة العربية الحي
وأضاف مدير ديوان الشيخ زايد السابق قائلا: هذه الأحداث للتاريخ أقولها بكل تجرد وإخلاص لرجل عاش عمره يمثل الضمير الحي للأمة العربية، وكان يسعى دوما لتضميد جراح أمته العربية، ومبادراته بالإصلاح بين الأشقاء من أجل تحقيق وحدة الصف العربي، ويؤمن بأن مصر هي الركيزة الأساسية لمستقبل الأمة العربية، والقاعدة الوحيدة لأمنها القومي، والجدير بالذكر أنه قبل قيام إسرائيل بغزو لبنان توجه المرحوم الشيخ زايد لمقابلة الملك خالد لإعادة العلاقات مع مصر، وأن تكون في المواجهة مع العرب لصد العدوان الإسرائيلي الذي سوف تقوم بتنفيذه إسرائيل، بعد أن أبلغ الشيخ زايد ياسر عرفات بأن إسرائيل تبيت نية الغزو، وقد طرح المرحوم موضوع عودة العلاقات العربية مع مصر، لضرورات الأمن القومي، والقوة الوحيدة في العالم القادرة على رد كل أنواع العدوان على الوطن العربي.
الشيخ زايد يحطم الأغلال التي تعيق مصر
وأشار الشرفاء الحمادي إلى أن الشيخ زايد هو الزعيم العربي الوحيد الذي حطم الأغلال التي تعيق عودة مصر للعالم العربي، عندما أعلن بعد انتهاء مؤتمر القمة العربي في عمان في الأردن عودة العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية مصر العربية، وأرسل معالي راشد عبدالله وزير خارجية الإمارات حاملا رسالة للمرحوم الرئيس حسني مبارك.
الشيخ زايد يعرف مكانة وقدر مصر
وأوضح أن الشيخ زايد هو الذي أدرك بوعيه ورؤيته مكانة مصر في قلب الأمة العربية، رحم الله الشيخ زايد، وستظل مواقفه الوطنية المجردة من كل مصالح خاصة أو استغلال سياسي للعلاقات العربية، بل كان يدعو ويناضل من أجل تحقيق التعاون العربي ووحدة الصف بين الأشقاء العرب.
الشريف: الشيخ زايد حقق أمجادا تاريخية للإمارات والعرب
في السياق ذاته يقول محمد فتحي الشريف رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، إن الشيخ زايد رحمة الله تعالى عليه شخصية تاريخية لن تتكرر، فقد استطاع بحكمته أن يعزز مكانة دولته في الوطن العربي ومكانة الوطن العربي في العالم.
وأضاف (الشريف) إن الشيخ زايد حقق أمجادا تاريخية لدولة الإمارات والوطن العربي من خلال دور بارز في كل القضايا العربية والإنسانية، إذ سعى من خلال قناعة كبيرة بفوائد توحيد دول الخليج ومن ثم الوطن العربي، وذلك بعد أن نجح في توحيد الإمارات السبع التي شكلت دولة الإمارات الحديثة القوية المؤثرة.
أستاذ بجامعة المنصورة: نقل مآثر الشيخ زايد للأجيال واجب
من جانبه قال الدكتور محمد يحيى غيدة الأستاذ بجامعة المنصورة وعضو الهيئة الاستشارية بمركز العرب، إن الشيخ زايد علم العالم معاني الخير والعطاء، فهو شخصية تاريخية لن تكرر وقائد حكيم يعرف معنى العروبة.
وأضاف (غيدة) لابد أن تعرف الأجيال الحالية هؤلاء القادة العظماء، ونقل مآثر الشيخ زايد عبر الأجيال أمر مهم للغاية لأنهم يشكل القدوة الحقيقية للأجيال.
باحث مغربي: الشيخ زايد حقق المصالحة في قضايا عربية
فيما قال الدكتور سمير الوصبي الباحث المغربي ورئيس لجنة الأبحاث الاجتماعية بمركز العرب إن الشيخ زايد استطاع أن يوحد الإمارات، وهو ولاء واضح للوطن العربي، إذ استطاع في عهده خلق ولاء للكيان الاتحادي عوضاً عن الولاء للقبيلة أو الإمارة وترسيخ مفهوم الحقوق والواجبات لدى المواطن.
وأضاف (الوصبي): هذا العطاء في الصلح وتحقيق المصلحة العامة، كما كان له دور كبير في حل المشاكل العربية، ساعد أيضاً كوسيط سلام بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) أثناء النزاعات الحدودية في عام 1980، وأيضاً نجحت وساطته في التوصل إلى حل لخلاف بين مصر وليبيا.
وأوضح (رئيس لجنة الأبحاث الاجتماعية بمركز العرب) أن كل هذا العطاء المتنوع بتعدد المنجز من أمجاد دال على هذا الاسم “زايد”، اسم شكل هوية الذات وسيرة الحياة، بهذا الصدد يقول غوردون أولبورت، أحد مؤسسي علم نفس الشخصية، في عام 1961. إن «اسم المرء يظل الدعامة الأهم، لهويته الذاتية طيلة حياته». ولا ينفي ذلك بطبيعة الحال، أن هناك الكثير من العوامل التي تحدد طبيعة شخصية كل منّا. من بين ذلك، أمور ذات صلة بجيناتنا، بجانب التجارب التي نخوضها وتُساعد على تكوين خبراتنا وشخصيتنا، فضلا عن دور من نقضي وقتنا معهم، علاوة على ما ينجم عن الأدوار، التي نضطلع بها في الحياة الشخصية والمهنية.
باحث فلسطيني: الشيخ زايد أبرز المدافعين عن قضية فلسطين
من جانبه قال الكاتب والصحفي الفلسطيني ثائر نوفل أبو عطيوي، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات في فلسطين، في ذكرى وفاة الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان، نقف وقفة إجلال وإكبار أمام روح شيخ العرب القائد والإنسان، صاحب الروح العربية الواحدة ذات القاسم العربي المشترك من المحيط إلى الخليج.
وأضاف، إن الشيخ زايد ال نهيان رحمه الله مؤسس دولة الإمارات كان يمتلك عقلية القائد العربي الكبير الذي كان صدره وقلبه يتسع لجميع العرب دون تمييز أو انحياز، وكان المدافع عن قضايا الأمة العربية على الدوام، والداعم لشعوب الأمة العربية على كافة الصعد والمستويات.
واختتم قائلا: لقد ترك الشيخ زايد طيب الله ثراه إرثا عظيما تناقلته بعده دولة الإمارات الشقيقة عبر شعبها وقادتها من الحكام بأن الإمارات على درب المؤسس الشيخ زايد، درب الخير والسلام والمحبة والتسامح والعطاء.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب