رؤى الشرفاء الحمادي في (قضية الغيب والافتراء على الرسول)
صاحب الرؤية هو المفكر الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي – تأتيكم كل يوم (اثنين) حصريا في بوابة (مجلة رؤى) - تابعونا
الملخص
في رؤية اليوم يقدم لنا الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي طرح معالجة لـ (قضية الغيب) فيقول: الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، والقرآن الكريم وضح ذلك في آيات عديدة، وكل إنسان يفتري على الرسول الأمين ويزور عليه أقوالا كاذبة، ويحاول أن يجعل الرسول نداً لله، فقد أشرك بالله، وسوف يلقى حساباً عسيرا يوم الحساب، فالغيب ملك لله وحده، والله عز وجل أرسل للناس الرسول ليبلغهم بالمنهج الإلهي، وحينها انتهت مهمته عليه السلام باستكمال آيات الذكر الحكيم التي ستظل تبين للناس طريق الحق المستقيم حتى قيام الساعة.
التفاصيل
وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ
كيف إذا كان الرسول عليه السلام في حياته قد عرف نفسه لقومه بأنه لا يعلم الغيب، في مخاطبة الله له سبحانه: (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف – ١٨٨).
قدرات الرسول
تلك هي قدرات الرسول كما أمره الله سبحانه بأن يعرف عن نفسه للناس، فكيف يخالف المسلمون أمر الله وقول رسولهم عن نفسه، ويصرون حتى بعد وفاته بأن الله ورسوله أعلم، فكيف يعلم من وافاه الأجل وتحول الى تراب كبقية البشر من خلق الله، وقد خاطبه الله سبحانه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف – ١١٠).
الرسول بشر
فإذا كانت تلك الآيات تبين للناس ما نطق به الرسول عليه السلام تكليفاً من ربه، ليبلغ الناس بأنه لا يعلم الغيب، وأنه بشر ممن خلق، وأن مرجعيته لله، والناس جميعاً يرجعون إلى الله، فلا شريك لله من البشر، رسولاً أو نبياً، وكل الناس سيقفون أمام الله سبحانه، كل يحمل كتابه، وكل نفس تجازى بما كسبت، لن ينفعهم الرسل أو الأنبياء، بل كل إنسان سيقف أمام الله يوم الحساب، كما قال الله سبحانه (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا) (الإسراء – ١٣).
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا
والحكم يومئذ لله، وكل نفس تجازى بما كسبت، بما عملت في الحياة الدنيا حين يصف الله سبحانه المشهد العظيم عند الحساب بقوله (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (الزمر: ٦٩).
أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ
وكل إنسان يفتري على الرسول الأمين ويزور عليه أقوالا كاذبة، ويحاول أن يجعل الرسول نداً لله، فقد أشرك بالله وسوف يلقى حساباً عسيرا يوم الحساب، وسيكون موقفه كما قال الله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (البقرة -١٥٩).
الافتراء على الرسول
لا يجوز أن يقال الله ورسوله أعلم، كما سبق أن أكدت الآية أن الرسول لا يعلم الغيب، وأن العلم كله عند الله، ولذلك نقول (الله وحده سبحانه يعلم) فقط، حتى لا نفتري على الرسول الأمين والمغالاة في صفاته وقدراته، فالله وحده يعلم الغيب، ويعلم ما في السماوات وما في الأرض وهو بكل شيء عليم.
انتهاء مهمة الرسول وإتمام الرسالة
فلقد أدى الأمانة عليه السلام بما كلفه ربه بتبليغ رسالة الله للناس في كتاب مبين، ليهديهم الصراط المستقيم، وفي حجة الوداع بين للناس عليه السلام بما نطق به عن ربه في قوله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة – 6)، حينها انتهت مهمته عليه السلام باستكمال آيات الذكر الحكيم التي ستظل تبين للناس طريق الحق المستقيم حتى قيام الساعة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب
************
تعريف بالكاتب
شغل المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، منصب المدير الأسبق لديوان الرئاسة بدولة الإمارات العربية، ورئيس مؤسسة رسالة السلام العالمية، الكاتب لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وينفذ مشروعا عربيا لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب والعنف الذي يُمَارَس باِسم الدين، وقدم الكاتب للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني وانعكاسه على الواقع العربي.