اهم الاخباررؤى

إشتيوي الجدي يكتب.. بكل شفافية

الكاتب  دبلوماسي ليبي سابق

نشرت صحيفة “ليدنتيتا” الإيطالية، يوم 17 مايو الجاري، نص مقابلة صحفية مع فيتو بتروتشيلي، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي ورئيس معهد “إيطاليا بريكس” للدراسات. كشف فيها معلومات خطيرة عن الدور الإيطالي المشبوه في الجنوب الليبي، بوابة الأفارقة الناشدين ركوب أمواج البحر المتوسط للوصول إلى المرافئ الإيطالية والمالطية على أمل العمل والإقامة في أوروبا.

ومعلوم أن إيطاليا ومالطا واليونان ومعهم بقية دول الاتحاد الأوروبي تفرض مراقبة مشددة على سواحل البحر المتوسط عبر عملية عسكرية بحرية وجوية أطلقها الاتحاد الأوروبي منذ مايو 2015 قبالة السواحل الليبية تحت مسمى “عملية صوفيا”، بهدف تحييد طرق تهريب البشر، بعد حوادث مأساوية تسببت في غرق آلاف المهاجرين غير النظاميين في البحر المتوسط نتيجة إطاحة حلف الناتو بالنظام الليبي سنة 2011. ثم تطورت في مارس 2020 لعملية عسكرية أوروبية واسعة “عملية إيريني” تابعة للاتحاد الأوروبي تحت مظلة سياسة الأمن والدفاع المشتركة بغية تشديد المراقبة على السواحل الليبية من أجل منع تهريب الأسلحة إلى ليبيا، فضلاً عن وقف تدفق قوارب المهاجرين غير النظاميين القاصدين السواحل الأوروبية وإعادتهم عنوة للسواحل الليبية بالتعاون مع ميليشيات ليبية مأجورة تلاحق المهاجرين غير النظاميين وتعتقلهم في أوكار مرعبة أشبه بالمسالخ البشرية، حيث يتعرضون لمعاملة وحشية لا توصف. فحسب تقرير منظمة “أطباء بلا حدود” ليبيا لا تعدّ مكانًا آمنًا؛ إذ يواجه اللاجئون والمهاجرون وطالبو اللجوء مستويات عالية من العنف والاستغلال، ويتعرّضون للاختطاف والاحتجاز التعسّفي والتعذيب والابتزاز، لذلك يحاولون الفرار من ليبيا. ففي سنة 2022، حاول 253,205 أشخاص عبور البحر المتوسط، اعتُرض طريق 42 في المئة منهم في البحر وأُعيدوا إلى ليبيا، ولقي 2,367 شخصًا منهم حتفهم غرقاً.

عود على بدء، نزع الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، فيتو بتروتشيلي، القناع عن وجه منظمة آراباتشي الإيطالية وفضح مخططا إيطاليا مشبوها غايته توطين اللاجئين غير النظاميين بالجنوب الليبي. وللتذكير سبق وأن افتضح أمر تجنيد الحكومات الإيطالية المتعاقبة ميليشيات محلية ليبية مأجورة تمتهن ملاحقة المهاجرين اللانظاميين وتعريضهم لأشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي.

الأخطر والأنكى والأمر والأدهى، هو أنه حسب مصادر الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، فيتو بتروتشيلي، يشاع أن العقيد صدام حفتر – نجل القائد العام للقوات المسلحة الليبية بالمنطقة الشرقية المشير خليفة حفتر – عرض على إيطاليا استعداده للتعاون مع منظمة آراباتشي الإيطالية بما يحقق مشروعها بالجنوب الليبي، شريطة أن تُسَخَّر إيطاليا ثقلها السياسي مع بقية الدول الفاعلة المتدخلة في ليبيا بما يكفل إقصاء المترشح الرئاسي الدكتور سيف الإسلام معمر القذافي من الانتخابات الرئاسية المزمعة.

وهنا يجدر التنبيه إلى أن العقيد صدام حفتر، تجاوز حدود واجبه العسكري ومارس السياسة نيابة عن الدولة الليبية دون الحصول على إذن من السلطة الرسمية المختصة، ناهيك عن تصرفه على نحو يمس بالسيادة الوطنية الليبية، مما يعرضه إن عاجلا أو آجلا للمساءلة القانونية أمام جهات الاختصاص العسكرية والمدنية للدولة الليبية.

خلاصة القول: إن تغلغل التدخل الأجنبي في ليبيا منذ سنة 2011 لم يحدث من فراغ، بل ساعدت على ذلك أطراف ليبية حطمت بلادها وحولتها إلى غنيمة تتقاسمها أكثر من قبيلة ودولة. هذا الوضع ضرب مفهوم الدولة الليبية ذات السيادة وأدى إلى خلق حالة من الميوعة على مستوى العلاقات الخارجية، حولت ليبيا إلى مرتع لمن هب ودب دون أدنى مراعاة لحرمة السيادة الوطنية الليبية.

إن تدخلات السفارات والبعثات والمنظمات الأجنبية في الشؤون الليبية الداخلية بلغت حدا لا يمكن السكوت عنه.

فلا مجال للسماح لأي دولة أو جهة كانت من الخارج للاعتداء على سيادة الدولة الليبية وسيادة شعبها. ذلك أن السيادة الوطنية خط أحمر لا يجوز المساس به.

قال تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون) صدق الله العظيم.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى